أول مسجد في الإسلام. أول مسجد بُني في الإسلام هو مسجد قُبَاء الذي يُقال له مسجد التقوى لقوله تعالى ﴿ لَمسْجِد أسسَ على التقوى من أول يوم أحق أن تقوم فيه. فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطّهرين﴾ التوبة: 108 . وروى أبو سعيد الخدري أن النبي ³ سُئل عن المسجد الذي أُسس على التقوى فقال: (هو مسجدكم هذا) (أي مسجد المدينة) رواه مسلم والنسائي بسند صحيح. وهذا لا يعارض الأول، إذ كل منهما أُسّس على التقوى، غير أن قوله تعالى (من أول يوم) يقتضي أن يكون مسجد قباء، لأن تأسيسه كان يوم حلول الرسول ³ دار هجرته.
ولما فتح عمر بن الخطاب البلدان كتب إلى أبي موسى الأشعري وهو على البصرة يأمره أن يتخذ مسجدًا للجماعة، ويتخذ للقبائل مساجد، فإذا كان يوم الجمعة انضموا إلى المسجد الجامع، وكتب كذلك إلى سعد بن أبي وقاص وهو وال على الكوفة بمثل ذلك، وكتب أيضًا إلى عمرو بن العاص وهو وال على مصر بمثل ذلك أيضًا، وكتب إلى أمراء أجناد الشام ألا يتبددوا إلى القرى، وأن ينزلوا المدائن وأن يتخذوا في كل مدينة مسجدًا واحدًا ولا تتخذ القبائل مساجد فكان الناس متمسكين بأمر عمر رضي الله عنه، وكانت صلاة الجمعة تُؤدَّى في المسجد الجامع. وأصبح المسجد منذ ذلك الوقت مركز ترابط المجتمع والجماعة الإسلامية، وهيكلها المادي الملموس. فلا تكتمل الجماعة إلا بمسجد يربط بين أفرادها بعضهم ببعض، يتلاقون فيه للصلاة وتبادل الرأي، ويقصدونه للوقوف على أخبار جماعتهم، ويلتقون فيه مع رؤسائهم، أو يتجهون إليه لمجرد الاستمتاع بالقعود في ركن من أركانه. ولهذا كله، أصبح للمسجد ضرورة دينية وضرورة سياسية وضرورة اجتماعية لكل مسلم على حدة ولجماعة المسلمين جملةً.