الحجاب الشرعي هو أن تستر المرأة ما يجب عليها ستره من الوجه والكفين، ومواضع الزينة من بدنها، كموضع الكحل والخضاب والسوار والقلادة وغير ذلك مما يستلزم النظر إليه رؤية موضعه من بدن المرأة. فستر هذا كله وإخفاؤه داخل في مفهوم الحجاب الشرعي، إلا لمن استثناهم الله تعالى كما تقدم.
وليس الحجاب ستر الجسم وإظهار الوجه والكفين، كما قد تفهمه بعض النساء تأثراً بدعاة السفور أو تعلقاً بفتوى مجانبة للصواب، وقد ظهر على غلاف بعض الكتب المتعلقة بالحجاب أو بالمرأة عموماً صورة امرأة سترت جسمها عدا الوجه والكفين، مما يوحي بأن هذا هو الحجاب، ولا ريب أن هذا فهم خاطئ يبين وجهه في السطور التالية إن شاء الله[1]
وإذا كان الحجاب يطلق على ستر الوجه واليدين ومواضع الزينة، فهو يطلق – أيضاً- على حجاب المرأة في البيوت بحيث لا يرى منها شيء لا شخصها، ولا لباسها، ولا زينتها، وعلى هذا قوله تعالى: (( إِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ)) (الأحزاب: 53) .
ويستثنى من ذلك خروج المرأة من بيتها لحاجة، كما قال النبيe: ((إنه قد أذن لكن أن تخرجن لحاجتكن)) [2].
ويؤكد هذا المعنى نصوص من الكتاب والسنة، تحث المرأة على بقائها في بيتها. وعدم الخروج منه إلا لحاجة، حتى في الصلاة حبّب إليها أن تصلي في بيتها[3]، وإذا خرجت لحاجة فهناك شروط وضوابط لابد أن تتقيد بها، وأهمها:
* أن تتقيد بالحجاب الشرعي.
* وألا تتطيب.
* وأن تغض بصرها.
* وأن يكون خروجها وكلامها بقدر الحاجة.
* وأن يكون طريقها آمناً.
* وألا تركب مع سائق أجنبي.
فإذا اختل شرط منها وخرجت فهي آثمة. وقد دلت النصوص على اعتبار هذه الشروط.
ولتعلم المرأة المسلمة أن الحجاب عبادة وطاعةلله تعالى ولرسوله e تثاب عليه كما تثاب على امتثال أحكام الشرع، لأن الله تعالى أمر به فقال تعالى: ((يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً ))(الأحزاب: 59) .
وكما أنه عبادة فهو وقاية وحماية للمرأة المسلمة، وللمجتمع بأسره؛ لأن الحجاب يساعد على غض البصر الذي أمر الله تعالى به في قوله: ((قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ)) ( النور: 30) .
ويساعد على حفظ المجتمع من أسباب الفساد؛ لأنه يقطع أطماع الفساق أصحاب النظرات الجائعة، ويساعد على ستر العورات التي توقظ المشاعر، وتثير كوامن الشهوة، وهذا على عكس المرأة السافرة المتكشفة [4].
[1] انظر معاني الحجاب في (المرأة المسلمة) وهبي سليمان غاوجي، ص193 دار القلم – دمشق.
[2] أخرجه البخاري (1/249) (9/337).
[3] راجع: عون المعبود (2/274، 277). وانظر كتابنا (أحكام حضور المساجد) الفصل الرابع.
[4] المرأة المسلمة ص177.